اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، أن القرارات المتخذة من قبل السعودية ودول الخليج العربي، هي "ردّات فعل محقة على واقع الاعتراض على دخول لبنان لمحور غير عربي، فلبنان وللأسف قد اُدخل من خلال الخطابات الملتبسة وأعمال البعض من السياسيين الذين يوالون ايران في محور غير عربي، وهم جعلوا وأجبروا العرب بأن يفرضوا الحصار على لبنان مكرهين، وبمحبة للسعودية والخليج نقول أنه ليس كل اللبنانيين موالين لايران، فهنالك فئة توالي ايران، ولكن هذه الفئة ليست كل اللبنانيين، فالغالبية لا توالي ايران أبدا"، لذلك التمس التمني من السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التفهم لهذا الوضع.
ورأى جنبلاط في حديث لصحيفة "البلاد السعودية" أن "حزب الله، أو ايران ومن الآخر وبشكل مباشر ومن خلال حزب الله وحلفائها في الداخل، أخذوا لبنان الى غير موقعه الطبيعي، والذي يناقض جوهر وجوده ومفهومه الأصيل، وللأسف فقد بات لبنان في جانب مناقض تماما للعروبة وفي غير فضائها، لكن هذا هو الواقع الاقليمي اليوم وهو لن يدوم".
وأعرب جنبلاط عن خشيته "من انزلاق البلد نحو المجهول سواء أردنا تسميته الجحيم أما ما شابه، والخوف من أن يذهب لبنان نحو مزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعيشي"، مشيرا الى ضرورة أن نبتدئ بالاصلاح وفق برنامج وجدول الأعمال التي وضعته وتشرف عليه المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، ولا بد من الخطوة الأولى وهي بأن تجتمع الحكومة.
وفي سياق قدرة الحكومة الحالية على اتخاذ القرارات المنقذة للبلاد وإن كان لها مستقبل تنفيذي على الأرض، شدد جنبلاط بجوابه "نعم"، وهي بالتأكيد قادرة، "لكن لا بد لها أولا بأن تجتمع كي تضع البرنامج، وهو في الأصل موجود والمشتمل على الاصلاح في قطاع الكهرباء، والمصارف وتوحيد الأسعار والخسائر"، فهنالك ثلاثة أرقام للعجز يجب توحيدهم، "ولدينا أيضا موضوع البطاقة التموينية وهي من البنود المهمة، وبالتأكيد هي تستطيع لكن هنالك من يمنع ومن يعرقل".
وشدد جنبلاط على أن على الحكومة أن تجتمع "ولكي تجتمع فعلى القوى التي تعترض على اجتماعها أن تفرج عنها وعن جلساتها".
وحول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها لناحية تطبيق القرارات الدولية وأيضا ما رشح عن القمة السعودية - الفرنسية، أوضح جنبلاط أن "من منا لا يحلم بدولة تكون امرة السلاح فيها بيد الدولة والمؤسسات الشرعية فقط، ففي كل الدول الحضارية تكون امرة السلاح فيها بيد الدولة وليس بيد فئات أخرى، فالسلاح يجب أن يكون بيد الجيش والقوى الأمنية، لكن الا في لبنان وللاسف وفي العراق، وهذا هو شواذ محور الممانعة".
وحول موضوع القرارات الدولية، فضّل جنبلاط تفادي استخدام القرارات الدولية من أجل الحساسية لكنه ذكّر وكما سبق دائما بأنه كان "هنالك شبه اجماع عندما درسنا تلك الخطة الدفاعية أيام الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان"، وجدّد القول بأنه "على الأقل يجب اتباع خطوات الاستراتيجية الدفاعية، والتي تؤدي من خلالها لأن تكون الدولة هي المسؤولة الوحيدة عن القرارين السياديين السلم والحرب"، إذ اعتبر بأن الاستراتيجية الدفاعية مدخل جدي لطرح موضوع السلاح، حيث أن هدفها استيعاب سلاح المقاومة داخل الجيش وعندها يكون الجيش هو المسؤول وحده في الدفاع عن لبنان عن الحدود وعن الجنوب اللبناني. وهنا نعود إلى مسألة مزارع شبعا، التي حتى اللحظة لا تزال غير مثبتة لبنانيتها، ولا بد من حصول التحديد او الترسيم عبر ورقة رسمية من سوريا.
وحول الأمور التي كانت منتظرة من هذه الحكومة لجهة الاصلاح والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، أوضح جنبلاط أن الحكومة لم تقدر بالأحرى والحقيقة ولم يفتحوا لها المجال، ونصح السلطة أنه "بامكان لبنان الاستفادة من الأثر الايجابي من الزيارة الفرنسية الأخيرة للرياض واقتناص ايجابية القمة السعودية - الفرنسية وبيانها المشترك حول لبنان"، منوّها بالايجابية المهمة والكبرى من سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمكالمته الهاتفية مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث تحتم هذه الخطوة على ميقاتي الاستفادة القصوى منها واستغلالها بعد فترة ومرحلة من شبه القطيعة.
الا ان جنبلاط شدد على ضرورة ترجمة هذا الأمر في لبنان الى واقعة عملية مثمرة ومنتجة أكثر والأولوية دائما هي بالعودة الى اجتماع الحكومة والوزارة.
وفي ما خص الانتخابات النيابية المقبلة، لفت جنبلاط إلى ان التيار الوطني الحر قدم الطعن بقانون الانتخاب الحالي، "فهو يريد أخذ لبنان والانتخابات، والطعن هدفه العودة وبشكل صريح للقانون السابق والذي ينص فيه على انتخاب ستة نواب في الخارج للمغتربين، حيث يريد التيار الوطني الحر تفادي انتخاب المغتربين اللبنانيين في لبنان، حيث يريد منهم ان ينتخبوا في الخارج نظرا لأنه فقد الكثير من شعبيته وهذه هي البدعة غير الدستورية والخطر الكبير".
وحول سبل المواجهة المستقبلية وما اذا كان هنالك من امكانية لتشكيل معين يشبه على الأقل تشكيل (14 آذار ) في العام 2005 عشية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، شدد جنبلاط على أن "ليس كل اللبنانيين مع ايران ويوالونها، ولاحقا بحسب الظروف وما اذا كانت تسمح لنا بذلك سواء قبل الانتخابات أو بعدها لتشكل جبهة أو تجمع" نسميها ما شئنا حينها".
وختاما وفيما يخص الخطر الحقيقي على الكيان اللبناني وردا على سؤال: هل سيعترف حزب الله نهائية الكيان اللبناني عمليا؟ أكد جنبلاط على أن "هنالك خطر وجودي ونلتمس ذلك من الاوضاع المتدهورة الاقتصادية، حيث نرى الجامعات تفرغ من اساتذتها والمستشفيات تهاجرها النخب، والقضاة يستقيلون، ونرى أيضا ذهاب النخب من قطاع التعليم وخاصة الرسمي"، سائلا: "كيف سيكون لبنان؟ لبنان العربي التعددي التنوعي والجامعات والصحافة اذا ما الكل هاجر وذهب؟" فهذا ما أخشاه، وهو ما يبدل من وجه لبنان، هل سيعترف حزب نهائية الكيان والدولة اللبنانية؟ فحزب الله بشكل أو بأخر هو المسؤول وبشدة عن ما يجري، فيبدو ان هذا اللبنان المتنوع والمتعدد العروبي لا يبالون به للاسف، فهم يبالون بلبنان مختلف".
وختم جنبلاط بتوجيه سؤال لـ"حزب الله": "هل يريدون تثبيت الطائف؟ المدخل الوحيد للاستقرار والذي شددت عليه القمة عليه ونحن معها، أم يريدون شيئا آخر فهذا السؤال موجه اليهم فقط".